انطلقت السبت فعاليات مؤتمر ” التحول الديمقراطي في العالم العربي. خارطة طريق ” الذي تنظمه مؤسسة المجلس العربي في مدينة سراييفو بجمهورية البوسنة والهرسك.
المؤتمر الذي تستمر فعالياته ليومين، يهدف إلى العمل على تشبيك الجهود المختلفة في البلاد العربية لصالح تحقيق الديمقراطية، وتنسيق الجهود بين الديمقراطيين العرب لإيجاد حلول واقعية لصالح الشعوب، وذلك بمشاركة نخبة من المفكرين والسياسيين والباحثين والحقوقيين من مختلف البلدان العربية.
وافتتح المؤتمر بكلمة الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي قال فيها: جميعنا مقتنعون بأن الدیمقراطیة هي وحدھا القادرة على تحقیق شروط عودتنا لساحة التاریخ أي دول قانون ومؤسسات وشعوب من المواطنین لا من الرعایا ولم لا اتحادا بین الشعوب العربیة الحرة على غرار ما استطاعت تحقیقه الشعوب الأوروبیة بعد تخلصھا من أنظمتھا الاستبدادیة التي كانت عنصر تفرقة وتباغض وحروب كما ھو الحال الیوم في بلداننا.
وأضاف المرزوقي: المطلوب منا هو مساءلة تجاربنا الدیمقراطیة عموماً والعربیة على وجه الخصوص لمعرفة أین توجد الثغرات في الفكر والنواقص في الفعل التي قد تكون ھي الأسباب الرئیسیة لما نشھد من انحسار الموجة الدیمقراطیة.
وفي كلمته أشار رئيس حزب غد الثورة أيمن نور إلى إن الأمة التي استلهمت العظمة من ماضيها، باتت تدرك -أكثر من أي وقت مضى- أنها قادرة على انتزاع حقوقها، بآلياتها السلمية، مهما كانت التكلفة، ومهما كان الثمن، من دماء شهداء معارك التحرير والحرية
وقال أيمن نور: نحن بحاجة لتشبيك جهودنا عربيًا بل ودوليًا من أجل تجديد مفهوم الديمقراطية وتطوير سُبل ممارستها والتخلص من أمراضها، ولهذا أثمّن غاليًا جهد مجلسنا العربي بأسمي شخصيًا، وبأسم تجمع الليبراليين العرب، وبأسم اتحاد القوى الوطنية المصرية، وبأسم كل المؤمنين والمدافعين عن الديمقراطية، وبأسم كل سجناء الرأي في عالمنا العربي ممن يدفعون الثمن غاليًا في السجون والمعتقلات.
وفي مستهل كلمتها قالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان: نلتقي اليوم لاستشراف آفاقِ التحول الديمقراطي في العالم العربي في مرحلةٍ حرجة للغاية تمر بها منطقتنا، وفي ظل أحداثٍ عالمية تذهب باتجاهٍ معاكس للديمقراطية وحقوق الإنسان؛ حيث تسود حربٌ تهدد العالم بشبح الأسلحة النووية، ومعها تعمّ كوارثُ طبيعية، وارتدادات نحو الاستبداد فقد عادت الانقلابات في أفريقيا التي أتت كنتاجٍ للإرث الاستعماري الغربي المستمر، واستمرت حروبُ الثورات المضادة وفتكها بالشعوب العربية في دولِ الربيع العربي.
وأردفت: لقد حاربوا تطلعات شعوبنا للديمقراطية ودولة القانون، وكانت النتيجةُ حروباً أهلية وانقلاباتٍ وجماعاتٍ ومليشياتٍ مسلحةً وإرهاباً، وكلها أوجه متنوعة لانتقام الثورات المضادة التي تقودها دولٌ إقليمية وتوجهاتٌ خارجية لا تريد لمجتمعاتنا أن تنتقلَ إلى وضع الدولة الحديثة الديمقراطية الممثلةِ لمصالح المجتمع وتطلعاتِه وقواهُ وفئاته المتعددة وبالطبع هي انتقام من مجتمعاتنا وثوراتنا وأحلامِنا بالحرية والعدالة والرفاه.
وأعقب الكلمات الافتتاحية جلسات نقاشية تتمحور حول تجربة التحول الديمقراطي في العالم العربي، وفي الجلسة التي عٌقدت تحت عنوان ” تقييم واقع الديمقراطية في العالم العربي خلص المتحدثون إلى أن إعاقة وعرقلة تجربة التحول الديمقراطي في العالم العربي مرتبط بالخصوصية الثقافة الداخلية والتنشئة الاجتماعية والموقع الجيوسياسي لكل بلد، بالإضافة إلى السياق التاريخي الذي أنتج أنظمة مختلفة في البلدان، كما أن مكانة الدول العربية في الاستراتيجيات الدولية وأهميتها للقوى الكبرى في النظام الدولي لعبت دوراً بارزاً في إفشال التحول الديمقراطي فيها.
كما توصّلت الجلسة التي حملت عنوان ” مستقبل الديمقراطية في العالم العربي ” إلى أن الابتعاد عن الأنانية السياسية كونها تمنع الإجماع السياسي، وتعزيز الحاسة الاستراتيجية للسياسيين العرب عاملان مهمان في بناء أفق ديمقراطي في الدول العربية، بالإضافة إلى إبعاد العسكر عن السلطة وتبنّي ثقافة وتربية وممارسة الديمقراطية عبر الكوادر والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني لتوليد ديمقراطية حقيقية من قلب المجتمعات، كما أن إعادة السياسية إلى المجتمع بعيداً عن شيطنتها واستخدامها كأداة للاستبداد وحياد الدول تجاه المعتقدات والأحزاب والأطياف هي شروط رئيسية لإعادة بعث الديمقراطية من جديد.
واختتمت فعاليات المؤتمر ليوم السبت بجلسة نقاشية تمحورت حول أزمة الديمقراطية في الإطار الدولي ومراجعة المفاهيم المتعلقة بها، وخلصت الجلسة إلى أن الديمقراطية تعاني من المشكلات منذ نشأتها وكأنها استثناء من القاعدة، وأن هناك تراجع واضح في المؤشر العالمي للديمقراطية خلال السنوات العشر الأخيرة بالإضافة للوضوح في العلاقة الطردية بين الدعم الغربي للأنظمة الاستبدادية في المنطقة العربية وبين تراجع الديمقراطيات فيها، وهذا سيئ بالنسبة للدول العربية التي ترزح تحت الأنظمة الاستبدادية لكن التجربة تقول أن الاتجاه الأخير لهذه الدول سيكون نحو الديمقراطية وذلك لأنها الحل الأمثل للمشكلات العديدة التي تعيشها شعوب تلك البلدان.
– المكتب الإعلامي للمجلس العربي.